الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

غرباء هذا الزمان۩۩۩۩۩۩۩ أ / عبده جمعه ۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩

غرباء هذا الزمان
۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩ مقالة ۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩
ماذا بعد تلك التغيرات التى تحيط بنا و بعد أن تحررنا من القيود التى أدمت الأيدى و أخرست الألسنة و بقينا عقوداً تحت غطاء الظلم و القهر ،،، ما الذى يحدث الأن فى الأوكار التى أحتوت على شراذم الحاقدين ،،، هل سخر الله لنا عقولنا لنتركها هكذا فى مهب الريح يعبث بها من لا عقل لهم ،،، هل نترك أخلاقنا من أجل المال و شهوات الدنيا و السعى وراء خطوات الشيطان
********
هل رأيتم إلى أى مدى قد وصلنا نحن فى نظر الغرب ،، لقد تدنى مستوانا و صرنا نحن عبرة للفساد و الأنحلال عندما تخلينا عن العدل و المساواة بهدمنا صرح الأخلاق و أنا أرى أن الأخلاق هم أهم ركن فى أركان البناء لنظام يهنأ تحت مظلته كل مرء و ينعم فى ظله القاصى و الدانى
. ما الذى سيحدث إذا أصيب القوم فى أخلاقهم و أصابهم داء الشك و الريبة فى الحقائق و الفضيلة ،،، هل نقيم بيننا مأتماً و عويلاً لضياع الأخلاق و أنعدام الرؤية و تهدم الفضيلة ،،، إن من الحماقة أن نضع مصائرنا فى بحور متلاطمة من الفتن ،، ثم نرجو النجاة و الخلاص من شرور نحن الذين روينا جذورها بالدعة و التواكل و الغفلة و عدم النهوض لمحاربة ما قد يحيق بنا أفاعيل و أفعال لا تهدف إلا للسقوط من فوق هذا الصرح عالى المقام ( صرح الأخلاق ) ،،، و هل يضع الأنسان منا أخلاقه محل تجارب و موضع ريبة ثم يعض أطراف أنامله حسرة على ضياع أخلاقه و مبادئه و تلك القيم التى نشأ عليها و تربى عليها الغالب من تلك المجتمعات التى أنتصرت على هوى النفس و الشيطان و أذلت شياطين الإنس ،،، حسرة تتلوها حسرة ،،، و بكاء لا يفيد و ندم لا يستقيم معه الحال ،، فما قد تبدل قد تبدل و جبل الأخلاق المنهار صار حجارة يلهو بها ممن أعطوك هذا المعول لتقوم أنت بهدم نفسك و مجتمعك و تصبح عار السلف لمن يأتى بعدك من خلف ،،، نحن الذين غرسنا فى أضلاعنا ، سيوفنا و عبثنا فى روابينا ، رماحنا لم تنال إلا أحبتنا ، و نارنا لم تنل إلا أهالينا ،،، فهل لنا من عودة حميدة لسبيل الرشاد و ننهل من معين لا ينضب من مكارم الأخلاق ،،، هل علينا أن نتطهر من تلك الأثام التى لوثت القلوب و أغتالت الفطرة ،،، إذا ما الجرح رم على فساد تبين فيه إهمال الطبيب ،،، و أنت طبيب نفسك و لا طبيب غيرك ،،، أتخذ مما يحدث حولك عبرة و موعظة و ذكرى و أنظر بعين المدقق ما الذى يحدث فى تلك المجتمعات التى تخلت عن أخلاقها من إنهيار و تفكك و إنحلال و موت فضيلة , هل لك أن تترك أخلاء السوء و ألتزم بمن يتمسك بالعفاف و الأخلاق و وضع نصب عينيه نصائح الرشد و الخلاص و نبراس الهادى الأمين و سيرة السابقين و الأولين ،،، و لن أخفيك أن الدنيا دار بلاء و فتنة و لا تثبت على قدم و لا تدوم على حال ،،، تتقلب بتقلب الأيام و الليال ،،، و تلك الأيام نداولها بين الناس ، فيوم علينا و يوم لنا ، و أحذر من التسويف فهى حجة و مدخل الشيطان فإن الدنيا طويلها قصير ، و كثيرها حقير ، و المتأمل فيها إن هو إلا فى غرور ، فى كل يوم لها جريح و قتيل ، و مريض و عليل ، و الفتن فيها تتقلب فيها كالأمواج الثائرة ، يلاحق بعضها بعضا ، و كلما مضت فتنة خَلَفَها ما هو أشد منها ، و كلما غربت شمس الفتنة فى أرض ، أشرقت على أرض اخرى ، و الإبتلاء منها لم يسلم منه أحد ، ومن مبتلى بالشر و من مبتلى بالخير ،، ( و نبلوكم بالشر و الخير فتنة وإلينا ترجعون ) و قد جرت سنة الله فى المؤمنين أن يبتليهم على حسب إيمانهم ، فمن أزداد فى إيمانه زيد فى بلاءه ، و كما قال رسولنا الصادق الامين ( يبتلى المرء على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلابة شدد عليه ، و إن كان فى دينه رقة خفف عنه البلاء ) و المراد بالدين هنا الأيمان الذى يثبت عند نوازل البلاء ،،، لذا قالوا أن البلاء بمخالفة دواعى النفس و الطبع من أشد البلاء ، فإنه لا يصبر عليه إلا الصديقون ، و نحن أصبحنا نعيش فى زمان كثرت فيه الفتن و الشرور ، و فى كل يوم تظهر فتنة جديدة تهون ما قبلها ،، يقول الرسول المصطفى ( لا يأتى عليكم زمان إلا و الذى بعده أشر منه ) فما مضى من الدنيا أحلام و ما بقى منها أمانى و الوقت ضائع بينهما و لقد أصبحنا نحيا وسط تلك الكثرة من وسائل الأنحراف و البغى و المنكرات ، حتى صار المتمسكون بأثار الهدى الأول هم الغرباء فى هذا الزمان ، فإن تكلمت بالصواب و الأخلاق عاينت بأم عينك حقيقة الغربة و رأيت الدهشة تعم وجوه من حولك و تساؤل على الأفواه ، و طرح فى أغلب الأحوال ، عن أى شىء يتحدث هذا المجنون ، و إن صبرت و تخرس لسانك و قلبك ، أشفقت على ضياع تلك الأمة التى قال عنها المولى عز و جل كنتم خير أمة أخرجت للناس ،، و قد صار حال المصلح فى هذا الزمان كما قال أويس القرنى رحمه الله ( إن الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً ) نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا و يسفهون أقوالنا و يجدون على ذلك أعوانا من الفاسدين منعدمى الأخلاق و لكن و حق الله سنظل ابداً رافعين راية الأخلاق ما حيينا ، فكفانا ما نراه من تفكك و إنعدام الرؤية لسيبل الحق و صراط الهداية و نصيحتى التى أنصحها لنفسى قبلك أنت ، ألا تترك نفسك فى مهب الريح و تترك أخلاقك تتخطفها طير الأنحلال و التفسخ عن قيمنا و شرعتنا ، و ألزم شراع الأخلاق و مكارمها و أترك مكاره القول و الفعل فقد صارت مأوى للأنحطاط و التدنى وأترك التخبط فى حائط الفتن فقد أنتشرت كما النار فى الهشيم ، و ألزم الراية البيضاء الناصعة راية الحق المبين كما أمرنا رب العزة و لا تعرض نفسك لرؤية ظلامية تدعوك للحرية و العلمانية و الليبرالية فهى باب للولوج لشر لا خلاص منه ، فكم كان لهم من ضحية ، و كم أوقعوا من بلية ، و أعلم أننى لا أبالغ و لا أدعى فوق المعقول ، فبداية الهلاك مجرد فكرة تدور بعقلك فأنظر بالبصيرة فسترى ما لا يراه البصر ،،، و أتخذ لنفسك العبرة و عاقبة سوء التفكير من كثرة الوقائع و الأحداث التى أصبحنا نراها و نحياها و يدور رحاها كما لو كنا فى حرب ضروس ضد أخلاقنا ، فإذا رأيت الناس قد أصيبوا فى أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً و عويلا ،،، و كفانا ما رأينا من أنحراف للأخلاق و لنعود إلى زمان كنا فيه ألوية المجد و المكارم و العفة ، و نلتزم محراب الفضيلة ، فقد تألمت القلوب و بكت الروح و كيف يَسلم من له عدواً لا ينام عن معاداته ، و صديقاً لا ينصحه ، و ولداً لا يعذره ، ونفس امارة بالسوء ، و دنيا متزينة و هوىً مرضىٍ و شهوة غالبة له ، و غضب قاهر و شيطان مزين يوسوس له ، و ضعف مسيطر عليه ، هذا هو حالنا نحن فما بالك بحال من بعدك و أنت الذى أسلمت لهم راية الأخلاق منكسة و من أين لهم القدوة الحسنة إذا لم نكن نحن ،، فلا تكن كالبئر الجافة لا يرتوى منك الظامىء فى سفره الطويل وأجعل طريقك طريق ولاة الله ، تنقهر لك كل تلك العقبات ، و ترى النور فى ثنايا الظلام ، فى أخر خطبة لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى قال ( فأنكم لم تخلقوا عبثا و لن تتركوا سدى و إن لكم ميعاداً ينزل الله فيه للفصل بين عباده ، فقد خاب و خسر من خرج من رحمة الله التى وسعت كل شىء و حرم جنةً عرضها السموات و الأرض ، ألا ترون أنكم فى أسلاب الهالكين و سيرثها بعدكم الباقون ، كذلك حتى ترد إلى خير الوراثين و فى كل يوم تشيعون غادى و رائحاً إلى الله قضى نحبه و أنقضى أجله و تدعونه فى سدر الأرض غير موسدٍ و لا ممهد قد خلع الأسباب و فارق الأحباب و سكن التراب و واجه الحساب ، غنياً عما خلف و فقيراً على ما أسلف فاتقوا الله قبل نزول الموت و إنقضاء المواقيت و أنى لأقول لكم هذه المقالة و ما أعلم عند أحداً منكم من الذنوب أكثر مما أعلم عندى لكن أستغفر الله و أتوب إليه ، ثم رفع طرف رداءه و بكى حتى شهق ثم نزل و ما عاد إلى المنبر بعدها حتى مات ، رحمه الله) و أسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى كل خير و أن يلهمنا رشدنا و يسدد خطانا على طريق الحق ،،، فكن داعى للحق و الأخلاق ، و أعمل على مكارمها كأنك رسولُ من عند الله و لا تنظر لغيرك فأنت ستقف وحيداً بين يدى الله و كن غريبا فنحن غرباء هذا الزمان فى نظرهم و رؤيتهم و لكن عند الله نحن المفلحون ،،،
يقول المولى عز و جل
بسم الله الرحمن الرحيم
( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (
صدق الله العظيم
و أفوض أمرى إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد
،،،،،،،،،،،،،،،
۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩ أ / عبده جمعه ۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

music